السبت، 22 ديسمبر 2018


من محاكم عشائر عرب الصقر في القرن الماضي (واقة حقيقية)
يكتبه: علي فلاح الملاحي-عرب الصقر-اربد-الأردن

عمل ع.ب وعلى عادة معظم المهن عند عشائر عرب الصقر راعيا لقطيع (شلية) من الأغنام، والقطيع يضم زهاء 400 رأسم من النعاج ، بينها عادة ما يكون حتى اربع كباش فحولة ، ومرياع رئيسي ، والمرياع اكبر الكابش حجما وزهوا وتزيينا.

اعتاد احد كباش القطيع ان يغافل ع.ب ، وينسل الى قطعان الأغنام المجاورة في المراعي ، وفي كل مرة يذهب ع.ب ويعيد الكبش الى قطيعه، واحيانا يرده برمي الحجارة امامه ، فيعود الكبش الى قطيعه بالقوة، وفي مرة من المرات انسل نفس الكبش الى قطيع آخر فلاحقه ع.ب رميا بالحجارة ، فأصابته منقولة ، برأسه فسقط صريعا لشهواته ونزواته الجامحة ، والمنقولة لمن لا يعرف المنقولة هي الحجر الكبير الذي يملأ الكف وربما يزيد.

عاد ع.ب بقطيعه الى صاحب الحلال واخبره بالواقعة ، فاستشاط غضبا ، وقام ، وقعد ، وضرب الكف بالكف ، وطالبه بدفع قيمته ، والقيمة ستكون خصما من أجره ، فالكبش ما ان يصل الى هذه المرحلة ، يمر بوقت طويل مع التدريب ، وتكلفته ربما تعادل خمسة رؤوس من النعاج او اكثر.

رفض ع.ب طلب صاحب الحلال واتفقوا على التوجه الى القضاء ، ليحكم بينهم بالعدل ، فذهب صاحب الحلال الى اثنان من قضاة عشائر الصقر هما : فارع باير القظام وتوهان ورور الزبيدي ، وذهب ع.ب الى قاض آخر من قضاة الصقر هو:  فلاح ابو دامس، وفي اليوم الموعود لجلسة الإستنطاق ، حضر الجميع ، وطلب القضاة من صاحب الحلال ان يدلي بحجته "هات حجتك" ، ثم طلب من ع.ب كذلك.

قدم القاضيان فارع باير القظام وتوهان ورور الزبيدي عليهما القاضي فلاح ابو دامس ، فانطلق بالقول:  لا يتحمل الراعي قتل الكبش العايب او النعجة الخرابة ، ان ترددت افعالهما ، ولا يطالب بالتعويض عنهما ، وما فعله ع.ب لا يتعدى الحدود المتعارف عليها بين احكام القضاء العشائري ، فالتزم الآخران الصمت بما نطق به  فلاح ابو دامس اقرارا بالحكم ، فاستشاط صاحب القطيع غضبا مستنكرا حكم فلاح ابو دامس متهما له بانه يجهل القضاء ، ومع ذلك كسب ع.ب القضية. وكتبه: علي فلاح الملاحي- اربد- الأردن.